ريحُ الجَنوب !
كَم أَنْتِ مُتَوَحّشَة و مُحْرِقَة،
حينَ تَنْفُثينَ على جِلدي،
بَذارَ لَمَعانِ النّظَر،
و شذى أَشجار البُرْتقال.
إِنّكِ تُخْجِلينَ القَمَر،
و تُبْكيها أَشجارَ الحَوْر الحَزينَة،
غَيرَ أَنّكِ، تَأْتينَ بَعد فَواتِ الأَوان،
بَعدما أكون قد لَفَفْتُ لَيلَ رِوايتي،
على رُفِّ السَّهَر !
و بِدونِ أَدْنى مَشَقّة،
بإِمِكانِكِ أَن تُصَدِّقيني،
دُرْ يا قَلبي،
دُرْ يا قَلبي.
ريحُ الشّمال
دُبٌّ أٌبْيَض !
إِنّكِ تَنْفُخينَ على جِلدي،
المُقْشَعّر بالشَّفَقِ القُطْبي،
و بِتَبَعَتَكِ مِن الأَشْباحِ الرُّبّانِيَة،
الضّاحِكَة مِلْئَ فيها،
مِن "دانْتي"،
أَيُّهذا المُشَذّبِ لِلنُّجوم.
و لَكِنّكِ تَأْتينَ بَعدَ فَواتِ الأَوان،
فالدّولاب قَد تَسَوّس،
و أنا قد أَضَعْتُ المِفْتاح.
و بِدونِ أَدنى مَشَقّة
بإِمْكانِكِ أَن تُصَدّقيني،
دُرْ يا قَلبي،
دُرْ يا قَلبي.
هَواءٌ بَحْرِيّ، عَفاريت و زَوابِع،
قادِمَة مِن اللاّ مَكان،
حَشَراتُ الوُرود،
تُوَيْجات هَرَمِيّة.
و رِياحٌ تَكْبُرُ مُخْضَرّة،
بَيْنَ الأَشْجارِ القاسِيَة،
ناياتٌ في العَواصِف.
أُتْرُكوني !
سَلاسِلٌ ثَقيلَة،
تَسيرُ وَراءَ ذِكْرَياتي،
و الطّائِرُ السَّجين،
الذي كان يَرْسُمُ المَساء،
بِزَقْزَقاتِه.
فالأَشْياءُ التي تَمْضي لا تَعود،
كُلُّنا نَعْرِفُ هذا.
و في وُضوحِ جُمْهورِ الرِّياح،
فلا جدوى من التَّشَكّي،
أَلَيْسَ كَذلِك أَيُّها الحَوْر،
السَّيِّد النّعيم لِلنّسيم؟
لا جَدوى مِن التّشَكّي !
و بِدونِ أَدْنى مَشَقَّة،
بإِمْكانِكِ أَن تُصَدّقيني،
دُرْ يا قَلبي،
دُرْ يا قَلبي.